کد مطلب:109826 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:162

خطبه 108-توانایی خداوند











ومن خطبة له علیه السلام

فی بیان قدرة الله وانفراده بالعظمة وأمر البعث

قدرة الله

كُلُّ شَیْءٍ خَاشِعٌ لَهُ، وَكُلُّ شَیْءٍ قَائِمٌ بِهِ: غِنی كُلِّ فَقِیرٍ، وَعِزُّ كُلِّ ذَلِیلٍ، وَقُوَّةُ كُلِّ ضَعِیفٍ، وَمَفْزَعُ كُلِّ مَلْهُوفٍ، مَنْ تَكَلَّمَ سَمِعَ نُطْقَهُ، وَمَنْ سَكَتَ عَلِمَ سِرَّهُ، وَمَنْ عَاشَ فَعَلَیْهِ رِزْقُهُ، وَمَنْ مَاتَ فَإِلَیْهِ مُنْقَلَبُهُ. لَمْ تَرَكَ الْعُیُونُ فَتُخْبِرَ عَنْكَ، بَلْ كُنْتَ قَبْلَ الْوَاصِفِینَ مِنْ خَلْقِكَ، لَمْ تَخُلُقِ الْخَلْقَ لِوَحْشَةٍ، وَلاَ اسْتَعْمَلْتَهُمْ لِمَنْفَعَةٍ، وَلاَ یَسْبِقُكَ مَنْ طلَبْتَ، وَلاَ یُفْلِتُكَ مَنْ أَخَذْتَ، وَلاَ یَنْقُصُ سُلْطَانَكَ مَنْ عَصَاكَ، وَلاَ یَزِیدُ فی مُلْكِكَ مَنْ أَطَاعَكَ، وَلاَیَرُدُّ أَمْرَكَ مَنْ سَخِطَ قَضَاءَكَ، وَلاَیَسْتَغْنِی عَنْكَ مَنْ تَوَلَّی عَنْ أَمْرِكَ. كُلُّ سِرٍّ عِنْدَكَ عَلاَنِیَةٌ، وَكُلُّ غَیْبٍ عِنْدَكَ شَهَادَةٌ. أَنْتَ الْأَبَدُ فَلاَ أَمَدَ لَكَ، وَأَنْتَ الْمُنْتَهَی فَلاَ مَحِیصَ عَنْكَ، وَأَنْتَ الْمَوْعِدُ فَلاَ مَنْجَی مِنْكَ إلاَّ إِلَیْكَ، بِیَدِكَ نَاصِیَةُ كُلِّ دَابَّةٍ، وَإِلَیْكَ مَصِیرُ كُلِّ نَسَمَةٍ. سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ شَأْنَكَ! سُبْحَانَكَ مَا أَعْظَمَ مَا نَرَی مِنْ خَلْقِكَ! وَمَا أصْغَرَ كُلَّ عَظِیمَة فِی جَنْبِ قُدْرَتِكَ! وَمَا أَهْوَلَ مَا نَرَی مِنْ مَلَكُوتِكَ! وَمَا أَحْقَرَ ذلِكَ فِیَما غَابَ عَنَّا مِنْ سُلْطَانِكَ! وَمَا أَسْبَغَ نِعَمَكَ فِی الدُّنْیَا، وَمَا أَصْغَرَهَا فِی نِعَمِ الْآخِرَةِ!

فی الملائكة الكرام

و منها: مِنْ مَلاَئِكَةٍ أَسْكَنْتَهُمْ سَمَاوَاتِكَ، وَرَفَعْتَهُمْ عَنْ أَرْضِكَ; هُمْ أَعْلَمُ خَلْقِكَ بِكَ، وَأَخْوَفُهُمْ لَكَ، وَأَقْرَبُهُمْ مِنْكَ; لَمْ یَسْكُنُوا الْأَصْلاَبَ، وَلَمْ یُضَمَّنُوا الْأَرْحَامَ، وَلَمْ یُخْلَقُوا (مِنْ مَاءٍ مَهیٍن)، وَلَمْ یَتَشَعَّبْهُمْ (رَیْبَ الْمَنُونِ); وَإِنَّهُمْ عَلَی مَكَانِهمْ مِنْكَ، وَمَنْزِلَتِهِمْ عِنْدَكَ، وَاسْتِجْمَاعِ أَهْوَائِهِمْ فِیكَ، وَكَثْرَةِ طَاعَتِهِمْ لَكَ، وَقِلَّةِ غَفْلَتِهِمْ عَنْ أَمْرِكَ، لَوْ عَایَنُوا كُنْهَ مَا خَفِیَ عَلَیْهِمْ مِنْكَ لَحَقَّرُوا أَعْمَالَهُمْ، وَلَزَرَوْا عَلَی أَنْفُسِهِمْ، وَلَعَرَفُوا أَنَّهُمْ لَمْ یَعْبُدُوكَ حَقَّ عِبَادَتِكَ، وَلَمْ یُطِیعُوكَ حَقَّ طَاعَتِكَ.

عصیان الخلق

سُبْحَانَكَ خَالِقاً وَمَعْبُوداً! بِحُسْنِ بَلاَئِكَ عِنْدَ خَلْقِكَ، خَلَقْتَ دَاراً، وَجَعَلْتَ فِیهَا مَأْدُبَةً

: مَشْرَباً وَمَطْعَماً، وَأَزْوَاجاً وَخَدَماً، وَقُصُوراً، وَأَنْهَاراً، وَزُرُوعاً، وَثِمَاراً. ثُمَّ أَرْسَلْتَ دَاعِیاً یَدْعُو إِلَیْهَا، فَلاَ الدَّاعِیَ أَجَابُوا، وَلاَ فِیَما رَغَّبْتَ رَغِبُوا، وَلاَ إِلَی مَا شَوَّقْتَ إِلَیْهِ اشْتَاقُوا. أَقْبَلُوا عَلَی جِیفَةٍ قَدْ افْتَضَحُوا بِأَكْلِهَا، وَاصْطَلَحُوا عَلَی حُبِّهَا، وَمَنْ عَشِقَ شَیْئاً أَعْشَی بَصَرَهُ، وَأَمْرَضَ قَلْبَهُ، فَهُوَ یَنْظُرُ بِعَیْن غَیْرِ صَحِیحَةٍ، وَیَسْمَعُ بَأُذُن غَیْرِ سَمِیعَةٍ، قَدْ خَرَقَتِ الشَّهَوَاتُ عَقْلَهُ، وَأَمَاتَتِ الدُّنْیَا قَلْبَهُ، وَوَلِهَتْ عَلَیْهَا نَفْسُهُ، فَهُوَ عَبْدٌ لَهَا، وَلِمَنْ فِی یَدَیْهِ شَیْءٌ مِنْهَا، حَیْثُمَا زَالَتْ زَالَ إِلَیْهَا، وَحَیْثُما أَقْبَلَتْ أَقْبَلَ عَلَیْهَا; لاَ یَنْزَجِرُ مِنَ اللهِ بِزَاجِرٍ، وَلاَیَتَّعِظُ مِنْهُ بِوَاعِظٍ، وَهُوَ یَرَی الْمَأْخُوذِینَ عَلَی الْغِرَّةِ، حَیْثُ لاَ إِقَالَةَ وَلاَ رَجْعَةَ، كَیْفَ نَزَلَ بِهمْ مَا كَانُوا یَجْهَلُونَ، وَجَاءَهُمْ مِنْ فِرَاقِ الدُّنْیَا مَا كَانُوا یَأْمَنُونَ، وَقَدِمُوا مِنَ الْآخِرَةِ عَلَی مَا كَانُوا یُوعَدُونَ. فَغَیْرُ مَوْصُوفٍ مَا نَزَلَ بِهمْ: اجْتَمَعَتْ عَلَیْهِمْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ وَحَسْرَةُ الْفَوْتِ، فَفَتَرَتْ لَهَا أَطْرَافُهُمْ، وَتَغَیَّرَتْ لَهَا أَلْوَانُهُمْ. ثُمَّ ازْدَادَ الْمَوْتُ فِیهِمْ وُلُوجاً، فَحِیلَ بَیْنَ أَحَدِهِمْ وَبَیْنَ مَنْطِقِهِ، وَإِنَّهُ لَبَیْنَ أَهْلِهِ یَنْظُرُ بِبَصَرِهِ، وَیَسْمَعُ بِأُذُنِهِ، عَلَی صِحَّةًٍ مِنْ عَقْلِهِ، وَبَقَاءٍ مِنْ لُبِّهِ، یُفَكِّرُ فِیمَ أَفْنَی عُمْرَهُ، وَفِیمَ أَذْهَبَ دَهْرَهُ! وَیَتَذَكَّرُ أَمْوَالاً جَمَعَهَا، أَغْمَضَ فِی مَطَالِبِهَا، وَأَخَذَهَا مِنْ مُصَرَّحَاتِهَا وَمُشْتَبِهَاتِهَا، قَدْ لَزِمَتْهُ تَبِعَاتُ جَمْعِهَا، وَأَشْرَفَ عَلَی فِرَاقِهَا، تَبْقَی لِمَنْ وَرَاءَهُ یَنْعَمُونَ فِیهَا، وَیَتَمَتَّعُونَ بِهَا، فَیَكُونُ الْمَهْنَأُ لِغَیْرِهِ، وَالْعِبءُ عَلَی ظَهْرِهِ. وَالْمَرْءُ قَدْ غَلِقَتْ رُهُونُهُ بِهَا، فَهُوَ یَعَضُّ یَدَهُ نَدَامَةً عَلَی مَا أَصْحَرَ لَهُ عِنْدَ الْمَوْتِ مِنْ أَمْرِهِ، وَیَزْهَدُ فِیَما كَانَ یَرْغَبُ فِیهِ أَیَّامَ عُمُرِهِ، وَیَتَمَنَّی أَنَّ الَّذِی كَانَ یَغْبِطُهُ بِهَا وَیَحْسُدُهُ عَلَیْهَا قَدْ حَازَهَا دُونَهُ! فَلَمْ یَزَلِ الْمَوْتُ یُبَالِغُ فِی جَسَدِهِ حَتَّی خَالَطَ لِسَانُهُ سَمْعَهُ، فَصَارَ بَیْنَ أَهْلِهِ لاَ یَنْطِقُ بِلِسَانِهِ، وَلاَ یَسْمَعُ بِسَمْعِهِ: یُرَدِّدُ طَرْفَهُ بِالنَّظَرِ فی وجُوهِهِمْ، یَرَی حَرَكَاتِ أَلْسِنَتِهِمْ، وَلاَ یَسْمَعُ رَجْعَ كَلاَمِهِمْ. ثُمَّ ازْدَادَ الْمَوْتُ الْتِیَاطاً بِهِ، فَقُبِضَ بَصَرُهُ كَمَا قُبِضَ سَمْعُهُ، وَخَرَجَتِ الرُّوحُ مِنْ جَسَدِهِ، فَصَارَ جِیفَةً بَیْنَ أَهْلِهِ، قَدْ أوْحَشُوا مِنْ جَانِبِهِ، وَتَبَاعَدُوا مِنْ قُرْبِهِ. لاَ یُسْعِدُ بَاكِیاً، وَلاَ یُجِیبُ دَاعِیاً. ثُمَّ حَمَلُوهُ إِلَی مَخَطٍّ فِی الْأَرْضِ، فَأَسْلَمُوهُ فِیهِ إِلَی عَمَلِهِ، وَانْقَطَعُوا عَنْ زَوْرَتِهِ.

القیامة

حَتَّی إِذَا بَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ، وَالْأَمْرُ مَقَادِیرَهُ، وَأُلْحِقَ آخِرُ الْخَلْقِ بِأَوَّلِهِ، وَجَاءَ مِنْ أَمْرِ اللهِ مَا یُرِیدُهُ مِنْ تَجْدِیدِ خَلْقِهِ، أَمَادَ السَّماءَ وَفَطَرَهَا، وَأَرَجَّ الْأَرْضَ وَأَرْجَفَهَا، وَقَلَعَ جِبَالَها وَنَسَفَهَا، وَدَكَّ بَعْضُهَا بَعْضاً مِنْ هَیْبَةِ جَلاَلَتِهِ وَمَخُوفِ سَطْوَتِهِ، وَأَخْرَجَ مَنْ فِیهَا، فَجَدَّدَهُمْ بَعْدَ إِخْلاَقِهمْ، وَجَمَعَهُمْ بَعْدَ تَفْرِیِقِهِم، ثُمَّ مَیَّزَهُمْ لِمَا یُریدُهُ مَنْ مَسْأَلَتِهِمْ عَنْ خَفَایَا الْأَعْمَالِ وَخَبَایَا الْأَفْعَالِ، وَجَعَلَهُمْ فَرِیقَیْنِ: أَنْعَمَ عَلَی هؤُلاَءِ وَانْتَقَمَ مِنْ هؤُلاَءِ. فَأَمَّا أَهْلُ الطَّاعَةِ فَأَثَابَهُمْ بِجِوَارِهِ، وَخَلَّدَهُمْ فی دَارِهِ، حَیْثُ لاَ یَظْعَنُ النُّزَّالُ، وَلاَ تَتَغَیَّرُ بِهِمُ الْحَالُ، وَلاَ تَنُوبُهُمُ الْأَفْزَاعُ، وَلاَ تَنَالُهُمُ الْأَسْقَامُ، وَلاَ تَعْرِضُ لَهُمُ الْأَخْطَارُ، وَلاَ تُشْخِصُهُمُ الْأَسْفَارُ. وَأَمَّا أَهْلُ الْمَعْصِیَةِ فَأَنْزَلَهُمْ شَرَّ دَارٍ، وَغَلَّ الْأَیْدِیَ إِلَی الْأَعْنَاقِ، وَقَرَنَ النَّوَاصِیَ بِالْأَقْدَامِ، وَأَلْبَسَهُمْ سَرَابِیلَ الْقَطِرَانِ، وَمُقَطَّعَاتِ النِّیرَانِ، فِی عَذَابٍ قَدِ اشْتَدَّ حَرُّهُ، وَبَابٍ قَدْ أُطْبِقَ عَلَی أَهْلِهِ، فِی نَارٍ لَهَا كَلَبٌ وَلَجَبٌ، وَلَهَبٌ سَاطِعٌ، وَقَصِیفٌ هَائِلٌ، لاَ یَظْعَنُ مُقِیمُهَا، وَلاَ یُفَادَی أَسِیرُهَا، وَلاَ تُفْصَمُ كُبُولُهَا. لاَ مُدَّةَ لِلدَّارِ فَتَفْنَی، وَلاَ أَجَلَ لِلْقَوْمِ فَیُقْضَی.

زهدالنبی

منها فی ذكر النبی صلی الله علیه وآله: قَدْ حَقَّرَ الدُّنْیَا وَصَغَّرَهَا، وَأَهْوَنَ بَهَا وَهَوَّنَهَا، وَعَلِمَ أَنَّ اللهَ تعالی زَوَاهَا عَنْهُ اخْتِیَاراً، وَبَسَطَهَا لِغَیْرِهِ احْتِقَاراً، فَأَعْرَضَ عَنِ الدُّنْیَا بِقَلْبِهِ، وَأَمَاتَ ذِكْرَهَا عَنْ نَفْسِهَ، وَأَحَبَّ أَنْ تَغِیبَ زِینَتُهَا عَنْ عَیْنِهِ، لِكَیْلاَ یَتَّخِذَ مِنْهَا رِیَاشاً، أوْ یَرْجُوَ فِیهَا مَقَاماً. بَلَّغَ عَنْ رَبِّهِ مُعْذِراً، وَنَصَحَ لاُِمَّتِهِ مُنْذِراً، وَدَعاَ إِلَی الْجَنَّةِ مُبَشِّراً، وَخَوَّفَ مِنَ النَّارِ مُحَذِّراً.

أهل البیت

نَحْنُ شَجَرَةُ النُّبُوَّةِ، وَمَحَطُّ الرِّسَالَةِ، وَمُخْتَلَفُ الْمَلاَئِكَةِ، وَمَعَادِنُ الْعِلْمِ، وَیَنَابِیعُ الْحُكْمِ، نَاصِرُنا وَمُحِبُّنَا یَنْتَظِرُ الرَّحْمَةَ، وَعَدُوُّنا وَمُبْغِضُنَا یَنْتَظِرُ السَّطْوَةَ.